الناقد أحمد فرحات يكتب: أحب شعر نزار

الناقد أحمد فرحات
أحب شعو نزار قباني، وتحبه المرأة، لأنه عبر عن أمانيها وطموحاتها ورغباتها ..
ولكننا إذا تأملنا شعره جيدا لن نراه إلا واصفا حواسها المادية كالخصر والشعر والشفتين والنهد و… فهو لم يتعرض لأوصاف المرأة المعنوية من عاطفة وروحانية ولم تبد عنده إلا ملهمة للشعر في ضوء أوصاف حسية خالصة .. تأمل قوله:
أيتها الأنثى التي في صوتها
تمتزج الفضّة.. بالنّبيذ..
بالأمطار
ومن مرايا ركبتيها يطلع النّهار
ويستعدّ العمر للإبحار
أيتها الأنثى التي يختلط البحر بعينيها
مع الزّيتون
يا وردتي
ونجمتي
وتاج رأسي
ربما أكون مشاغباً..
أو فوضويّ الفكر أو مجنون
إن كنت مجنوناً..
وهذا ممكن
فأنت يا سيدتي مسؤولة عن ذلك الجنون
فالمرأة عنده لا تمتلك إلا جسدا ينتفض بالحب والولع في ضوء العينين والركبة والشعر وو مع غياب تام لأوصافها الروحية التي وخبها الله بها.
ويزداد الأمر سوءا لديه عندما يسخر منها ويغالي في سخريته فيقول:
لم يبقَ نهدٌ .. أسودٌ أو أبيضٌ |
إلا زرعتُ بأرضه راياتي .. |
لم تبقَ زاوية بجسمِ جميلة |
إلاَّ ومرَّت فوقها عرباتي .. |
فصّلت من جلد النساء عباءةً |
وبنيتُ أهراماً من الحلماتِ |
وكتبتُ شعراً .. لا يشابهُ سحرهُ إلاَّ كلامُ اللهِ في التَّوارةِ ..
|
فأي امرأة ترتضي أن تكون جزءا من عباءته ؟ وأي امرأة ترتضي أن يوضع نهدها فوق نهود الأخريات ليتسلى بها الرجل ؟ وأي احتقار وسخرية هذه الصورة اللافتة لحقارة المرأة في جعلها أداة يتسرى بها الرجل ويشبع غريزته؟ وكما ذكرنا سابقا أن شعر عمر بن أبي ربيعة الغزلي الذي ذكر فيه أوصافا حسية للمرأة إنما كان غزلا سياسيا لهجاء خصومه السياسيين. حيث نجد غزليات عمر بن أبي ربيعة في نساء المدينة حيث إن الأحوالالسياسية آنذاك أدت إلى أن تطفوالكراهية التي وصلت إلى درجة الحقدفي بعض الأحيان على الأمويين علىالسطح، وقد عبر الشعراء الحجازيونعن هذه الأحوال من خلال شعرهمالسياسي بشكل خاص، وتمثل بعضهفي ما سمي بالغزل السياسي، ويقصدبه هجاء الخصوم السياسيين من خلال التغزل بنسائهم لا لمحبة لهن، ولكنإحراجا لخصومهم، وانتقاما منهملمواقفهم السياسية، وبسبب ما عملوهفيهم من حرمان سياسي، وغزو لديارهم،وقتل لأهلهم. فإن شعر نزار ينتمي إلى هذا اللون من الشعر المنتقص من مكانة المرأة الحقيقية. وما أحوجنا إلى إعادة النظر والتأمل في شعر نزار ومدى تحقيق قيمة المرأة التي أقرها الشعر العربي عبر مسيرته الطويلة. ولعلنا ندرك أن نزار قباني يتبع الشعر القديم في تهميش المرأة من خلال أنساق ثقافية مضمرة، وغير معلنة؛ فلا فرق بين رؤية نزار ورؤية عمر بن أبي ربيعة أو امرئ القيس في النظر إلى المرأة بوصفها جسدا فحسب وليس لها روح ولا عقل ولا حس ولا شعور.
|