استشارات نفسية

دوامة القلق واستدعاء الذكريات المؤلمة.. هل لها حل؟

أنا شاب في منتصف العمر، وأشعر بأنني محاصر في دوامة من القلق والاكتئاب والتفكير الدائم في الذكريات والأحداث المؤلمة. منذ فترة طويلة، يبدو أن الحياة فقدت لونها بالنسبة لي، وأجد صعوبة في التفكير بإيجابية أو الشعور بالسعادة. يؤرقني القلق بشكل يومي، وأشعر بالعزلة حتى في وسط الأصدقاء والعائلة. أحاول جاهدًا البحث عن معنى لحياتي، ولكنني أشعر بالإحباط واليأس. هل يمكنكم مساعدتي في فهم هذه المشاعر وتوجيهي نحو الخروج من هذا الوضع الصعب؟ وأشعر بأنني فقدت السيطرة على حياتي وأحتاج إلى توجيه ودعم للتغلب على هذه المعاناة النفسية الشاقة.

الجواب:

قال الأخصائي النفسي محمد حبيب: إن هذا سؤال مهم وشائع، وقد يواجهه الكثير من الشباب في مرحلة ما من حياتهم. ولا توجد إجابة واحدة أو سهلة على هذا السؤال، لأن كل شخص لديه ظروفه وتجاربه الخاصة. ولكن هناك بعض النصائح والإرشادات العامة التي قد تساعد في التخفيف من تأثير هذه العوامل السلبية على الصحة النفسية والجسدية. بعض هذه النصائح هي :

– التعرف على مصادر الضغط والهموم، ومحاولة تحديد ما إذا كانت قابلة للتغيير أو لا. إذا كانت قابلة للتغيير، فيمكن وضع خطة لمواجهتها أو حلها بطريقة إيجابية. إذا كانت غير قابلة للتغيير، فيمكن تقبلها كجزء من الواقع، والتركيز على ما يمكن التحكم فيه.
– التعامل مع الذكريات المؤلمة وأخطاء الماضي، بطريقة صحية وبناءة. هذا يعني: عدم إنكار أو تجاهل هذه الذكريات والأخطاء، بل مواجهتها بشجاعة وصدق. عدم التأنيب أو التقليل من قيمة الذات بسبب هذه الذكريات والأخطاء، بل تقبلها كجزء من التجربة الإنسانية. عدم الالتصاق أو العيش في هذه الذكريات والأخطاء، بل تعلم منها والمضي قدمًا. وعدم السماح لهذه الذكريات والأخطاء بتحديد الحاضر والمستقبل، بل استخدامها كدافع للتغيير والتحسن.

– قم بتحويل تركيزك من الأمور التي لا تستطيع التحكم فيها وتسبب لك الهم إلى الأمور التي يمكنك التأثير عليها والعمل عليها. اتخذ قرارًا عمليًا يساهم في إصلاح الأوضاع وتحقيق تقدم.

– تعلم القناعة والشكر: كن راضيًا ومقبولًا على ما تمتلكه في الحياة وشكر الله عليه. عندما تقدر النعم والأشياء الجميلة التي تحيط بك، ستكون أكثر قدرة على تجاهل الهموم الصغيرة وعدم الدخول في دوامة القلق.

– لا تتوقع الكمال: فمن العدل ألا تتوقع الكمال من نفسك ولا من الآخرين، فتوقع الكمال يزيد الهم والقلق، ولا أنت كامل لا غيرك كامل.

– حاول أن تكون توقعاتك وآمالك واقعية. قد تواجه بعض المفاجآت أو التحديات، لذا من الأفضل أن تتوقع وجود بعض الصعوبات وتكون مستعدًا لمواجهتها بشكل منطقي وهادئ.

– تعلم الإنحناء حتى تهدأ العاصفة: وعليك تقبل الأمور التي لا يمكنك تغييرها وتقبلها بصبر. لا تحاول التحكم في كل شيء، بل تعلم كيف تتفهم وتتقبل الأمور التي تتجاوز سيطرتك. قوِّي ثقتك بالله واعتمد على إيمانك في أن كل شيء يحدث بقدرة وحكمة.

– كن مطمئنًا: تأكد أن كل شيء مقدر ومنصوص عليه، وأن الصبر على القدر يجلب الأجر والثواب. واستحضر قوله صلى الله عليه وسلم “ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك” فكل شيء مقدر.

– كن عادلًا مع نفسك: قم بواجبك واعمل بجد وهمة عالية. لكن تذكر أن النتائج تعتمد في النهاية على توفيق الله. لا تحمِّل نفسك ضغطًا زائدًا بتوقع الكمال، بل استمر في السعي للتحسن والتطور بكل جهدك وثقتك بالنفس.

– شارك همومك مع صديق وفيّ أو شخص مقرب: لا تتردد في مشاركة همومك ومخاوفك مع شخص تثق به. قد يكون من الجيد أن تستشيره وتبادل أفكارك معه. قد يقدم لك آراءً ونصائح قيمة ويساعدك في التخفيف من الضغوط النفسية والهموم التي تواجهها.

– القيام بأنشطة مفيدة وممتعة، التي تساهم في رفع المزاج وزيادة الثقة بالنفس. هذه الأنشطة قد تشمل: ممارسة الرياضة، أو مطالعة كتاب، أو مشاهدة فيلم، أو الانخراط في هواية، أو التطوع في خدمة اجتماعية، أو التعلم شيء جديد، أو غير ذلك.

هذه بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد في الإجابة على سؤالك. أتمنى أن تكون مفيدة لك ولغيرك من الشباب الذين يواجهون تحديات مماثلة. وأذكرك بأنك لست وحدك في هذه المعاناة، وأن هناك دائمًا أمل وفرصة للشفاء والتقدم، وكل دعواتي لك بالسلام النفسي والسعادة الحقيقية.

 

اقرأ ايضًا:

طبيب جراحة ومناظير مسالك بولية يوضح المأكولات الممنوعة لمرضى الكلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى