وجهات نظر

أسامة مهران يكتب: أكتوبر الأبيض

 

ليس شهرا نترحم فيه على مافات، ولا يوما نبكي منه علي ما هو آت، لكنه السابع من أكتوبر المجيد، السبت الأروع في الأبجدية، أكتوبر الأبيض في القاموس المحيط، والزلزال المتواري خلف قداس المشربية، ماهذا الذي نراه، ما هذا يا ابتاه، هكذا يصرخ الطفل الصغير ، وهكذا يجيب الأب الضرير ، أظنه الوعد الحق يابني، واحسبه طيرا أبابيل في سماء عسقلان وتل ابيب وعكا والجليل، هذاطرح الخير وعين المستحيل، شبابنا يهجم من الأرض والبحر والجو ، يسحل ويأسر ويستعيد الكرامة ويسترد الإباء ، ويعيد التوازن المفقود إلى حضن اصحاب الارض ، والى ارض اشجار الزيتون ، والى زيتونة اصلها في الأرض وفرعها في السماء.

السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ سيظل ماثلا في ذاكرة الأجيال: كان هنا قوم مؤمنون ، دافعوا عن الأقصي وبيت لحم، صانوا الارض والعرض، لم يبخلوا بالدماء، ولم ينحنوا بالكبرياء، كانوا رمزًا للتضحية والفداء، حتى تحول الوطن كل الوطن السليب إلى مشاريع شهداء.

الأمة كل الأمة، البيت العربي، كل بيت عربي، المسلمون من ” كل فج عميق ” ، ومن كل وادي سحيق، ومن كل قلب وكل عد وثيق يتابعون أبنائنا الأبرار وهم يقاتلون عدو الله وعدوكم، ويستشهدون من أجل نعيش جميعنا بكرامة، وان تأمن نساءنا بعد خوف، وتنعم بلادنا بكل أمن .

السابع من أكتوبر ، والثامن والعاشر وكل يوم ، سوف ننذره للدفاع المشروع عن النفس ، عن رد الصاع صاعين للعدو الصهيوني الغاشم ، لن يكون لكم حائط مبكي بعد اليوم ، ولا هيكلا مزعوما تبحثون عنه ، ولا طواقي داوود ولا اباطيل ولا تلمود، تتأبطون أوراقه، او تنتحلون شخوصه ، او تزورون به التاريخ .

صحافيوكم يصرخون، يؤبنون ، يترحمون ، ويحذرون نتنياهو وليبرمان وفرقته المكلومة ، لكن الغطرسة تطغي، والغرور يتواصل، والعدوان علي قطاع غزة مستمر، وقتل الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال يمضي علي قدم وساق اعتقادا بأن قتل العزل سوف ينزع الخوف من قلوب المستوطنين الصهاينة، وأن التمثيل بالشياه التي لا يضيرها سلخها بعد ذبحها يمكن ان يوقف طوفان المحتلون من الهروب الي المطارات الإسرائيلية بحثا عن هجرة مضادة إلى أي مكان في العالم .

يحدث ذلك في الوقت الذي يحاول فيه بعض المسئولين العرب النيل من عزيمة أبنائنا البواسل وفدائيونا الاشاوس، مطالبين جميع الاطراف بضبط النفس، ومساوين في المطالب بين الضحية والجلاد، بين مغتصب الأرض وصاحبها، بين المدنس للمقدسات، والحارس لها، بين الغريب القادم من كل تيه، وبكل سفيه، وابن البلد الأصلي الذي ذاق الأمرين، وتعري بعد ستر، وتشرد بعد عز ، إلى أولئك وهؤلاء أقول توبوا إلى الله، ولا تصرحوا بكل ما يجلب العار لنا، فلا مجتمع دولي يمكن أن يهب لنجدتنا، ولا امم متحدة سوف تعيد إلينا أراضينا المغتصبة، ولا حليف وهمي يمكن ان يعيد المهجرين إلى بيوتهم.

أفيقوا يا بني جلدتنا، من سباتكم العميق وخاطبوا المجتمع العربي الذي مازال كبريائه حي يرزق، ومازالت دماء العروبة تجري في عروقه، وأهل مكة ستظل ادري بشعابها.

 

اقرأ أيضاً..أسعار السيارات في الإمارات المستعملة

“س&ج”.. هل تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى؟..اعرف التفاصيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى