وجهات نظر

الناقد أحمد فرحات يكتب: معاوية

معاوية هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبد الرحمن، القرشي الأموي المكي .وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة .

أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي – صلى الله عليه وسلم – من أبيه ، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح.

قال أبو سفيان حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقفوها الآن تلقف الكرة فما من جنة ولا نار.
اشترك معاوية في غزوة حنين، وكيف أنه حمل معه في المعركة مجموعة من الأصنام التي كان يتعبّد إليها قُبيل إشهاره إسلامه، وإظهاره فرحه في أول المعركة عندما انهزم المسلمون، وقال في ذلك “لا تنتهي هزيمتهم دون البحر”، بحسب ما يذكر ابن هشام

يروي ابن سعد في طبقاته أن أبا سفيان حسد الرسول بعد فتح مكة لمّا رأى كثرة المقدمين عليه “فقال بينه وبين نفسه، لو عاودت هذا الرجل”، فضرب الرسول صدره وقال “إذاً يخزيك الله… إذاً يخزيك الله”، فتاب أبو سفيان واستغفر الله وأظهر الندم على ما قال.

روى عنهابن عباس، وسعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان ، وأبو إدريس الخولاني،وخلق سواهم.

معاوية كان طويلا، أبيض، جميلا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا. وكان يصبغ شعره. قيل:قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم .

قال معاوية: ما كان عام الحديبية،وصدوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن البيت، وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت لأمي، فقالت: إياك أن تخالف أباك، فأخفيت إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وأظهرت إسلامي يوم الفتح، فرحب بي النبي- صلى الله عليه وسلم – وكتبت له. فهو رضي الله عنه كاتب من كتاب الوحي.

وكان معاوية كاتبا فيما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين العرب قال رسول الله لصحابته:

ادع لي معاوية . كان يكتب الوحي

 دعا له رسول الله: اللهم علم معاوية الكتاب، والحساب، وقه العذاب.

صحيح أن معاوية كان ملكا، لكنه أراد أن يمسك العصا من المنتصف، يراضي مُلكه من جهة ويراضي جموع المسلمين من جهة أخرى، فكانت له طريقته في هذا التوازن.ومما يؤكد ذلك أن معاوية بعد موت عليّ (وتنازل الحسن عليهما السلام)صار أميرًا على المسلمين جميعهم ومع ذلك لم يقتل قتَلة عثمان الذين قد بقوا، بل روي عنه أنه لمّا قدم المدينة حاجًّا، فسمع الصوت في دار عثمان “يا أمير المؤمنينَ” فقال : ما هذا؟، قالوا : بنت عثمان تندب أباها، فصرف الناس، ثم ذهب إليها فقال : يا ابنة عم، إن الناس قد بذلوا لنا الطاعةَ على كُرهٍ، وبذلنا لهم حلمًا على غيظٍ، فإن رددنا حلمَنا ردّوا طاعتهم، ولأن تكوني بنت أمير المؤمنين خيرٌ من أن تكوني واحدةً من عُرض الناس، فلا أسمعنّكِ بعد اليوم تذكرين عثمان.

علي بن أبي طالب

علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد وصهره، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد المبشرين بالجنة، نشأ في كنف النبي، وأسلم صغيرا قبل أن يبلغ الحلم، وكان من أوائل من أسلم.

قال له الرسول الكريم: أتتبعني يا علي ؟ وهو صبي صغير.

قال دعني أفكر! أنظرني للغد

ففكر وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

علي كان رجل دين، ومعاوية رجل دولة.

نافح علي عن الإسلام صغيرا وشابا وكهلا، وشارك في غزوات الإسلام الكبرى، عُرف بالشجاعة وتوقد الذكاء والفقه بأمور الدين والحكمة.

تولاه النبي الكريم بعد أن أصاب قريشاقحطٌ شديد أورث الناس جوعا وفقرا، وكانأبو طالب كثير العيال، فأراد النبي عليه السلام أن يخفف عن عمه بعضا من همه.

ومنذ أن بلغ السادسة من عمره أقام علي في بيت ابن عمه محمد صلى الله عليه وسلم فتفتح وعيه في بيت من أنبل بيوتقريش المشهود لها بالفضيلة والخلقالرفيع وحسن السيرة في الناس، بعد أنتشرّب موروثات العرب الكريمة في بيتأبيه سيد قريش ووريث بني هاشم.

للأمة الإسلامية الكبرى أن تفخر برجلين من أعظم رجالات الدولة، وأن واحدا منهما الآن كان يعادل مليون رجل ممن نراهم ونسمعهم على مستوى العالم.

زهد علي في الدنيا، وأقبل على الآخرة بعدته وسلاحه، وأقبل معاوية على الدنيا من باب المُلك، لا من باب تقوى عليّ.

معاوية رجل دولة بامتياز، وعلي رجل دين ودولة معا.

للرجلين مواقف مشهودة في الإسلام، وحسبك من رجلين عاصرا الرسول وعاشا في كنفه. فلن تستطيع ألف قناة خدش سيرة أحدهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى