الناقد أحمد فرحات يكتب: بنت عمارة

منذ 6 ساعات

78 3 دقائق

الناقد أحمد فرحات

قبل أربع سنوات من اليوم رحلت نخلة العراق الماجدة لميعة عباس عمارة عن عمر يناهز التسعين عاما تقريبا (1929-2021)

تركت كنزا متميزا من السيرة الشعرية ، لها سبعة دواوين: عراقية/أغاني عشتار/البعد الأخير/لو أنبأني العراف/الزاوية الخالية/عودة الربيع/يسمونه الحب.

ولدت بنت عمارة في قرية من قرى العراق في منطقة الكريمات وهي منطقة تقع في لب المنطقة القديمة من بغداد، والمحصورة بين جسر الأحرار على ضفة نهر دجلة في جانب الكرخ. نشأت نشأة ريفية مرفهة، شاعرة عراقية محدثة. تعد محطة مهمة من محطات الشعر في العراق ولدت الشاعرة لعائلة صابئية مندائية عراقية في منطقة الكريمات .

المندائية أو الناصورائية أو الصابئة، هي ديانة عرقية غنوصية توحيدية متأثرة بالأديان الإغريقية والفارسية واليهودية. يُقدّس أتباعها المندائيون آدم عليه السلام.

لدى المندائيين العديد من الأنبياء. يحظى يوحنا المعروف أيضًا باسم يوحنا مصبانا ويوحنا بار زكريا الذي يعرفه المسيحيون باسم «يوحنا المعمدان» بمكانة خاصة أعلى من مكانته في المسيحية أو الإسلام. لا يعتبر المندائيون أن يوحنا هو مؤسس دينهم، ولكنهم يبجلونه باعتباره المعلم الأعظم الذي جدّد وأصلح إيمانهم القديم، وهم ينسبون أصل معتقداتهم إلى آدم. يعتقد المندائيون أن يوحنا هو رسول النور.

لا تعترف المندائية بنبوة إبراهيم أو موسى أو عيسى كأنبياء مندائيين. ومع ذلك، يعتقدون بأن إبراهيم وعيسى كانا في الأصل كاهنين مندائيين. يعترف المندائيون بشخصيات أخرى من الديانات الإبراهيمية مثل آدم وابنه شيث وحفيده أنوش.

وكذلك نوح وسام الذين يعتبرونهم أجدادهم الذين انحدروا منهم. يعتبر المندائيون آدم وشيتل ونوح وسام ويحيى بن زكريا أنبياء؛ وأن آدم أول أنبيائهم، ويحيى النبي الأعظم والأخير.

مُورس هذا الدين في جنوب أحواض أنهار كارون ودجلة والفرات والأنهار المحيطة بممر شط العرب المائي جنوبي العراق، وفي محافظة خوزستان الإيرانية. حول العالم، يُعتقد أن هناك سبعمائة ألف مندائي. وحتى حرب العراق، كان جميعهم تقريبًا يعيشون في العراق، حيث فرّ العديد من العراقيين المندائيين منذ ذلك الحين من بلادهم بسبب الاضطرابات الناجمة عن غزو العراق سنة 2003م، وما تلا ذلك من احتلال أمريكي، وما نتج بعد ذلك من تصاعد العنف الطائفي على أيدي المتطرفين. بحلول سنة 2007م، انخفض عدد المندائيين في العراق إلى حوالي خمسة آلاف نسمة.

خلال القرنين التاسع والعاشر الميلادي، عُرّفَتْ عدة مجموعات دينية غامضة بالصابئة وهو اللفظ الذي ذُكر إلى جانب اليهود والنصارى والمجوس في القرآن في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)الحج؛ مما جعلهم يُصنّفون ضمن أهل الكتاب. كان المندائيون من بين الجماعات الدينية التي زعمت أنها الصابئة المذكورين في القرآن، كما ادعت أيضًا مجموعات وثنية مختلفة في حران والأهوار أنهم صابئة. طمعت هذه الجماعات الاستئثار بالاسم حتى تعترف بهم السلطات الإسلامية كأهل كتاب، ويعاملون معاملة أهل الذمة.

في عام 1963 في انقلاب الزعيم عبد الكريم قاسم، اتهمت لميعة بنت عمارة باتهامات خطيرة، وحكم عليها غيابيا بالإعدام رميا بالرصاص، استطاعت الهرب وسافرت بعيدا، وقد أعدمت فتاة غيرها. من شعرها الجريء:

تدخنين؟

لا

تشربين؟

لا

ترقصين؟

لا

ما أنت ؟ جمع لا؟

أنا التي تراني .. كل خمول الشرق في أرداني

فما الذي يشد رجليك إلى مكاني

يا سيدي الخبير بالنسوان، إن عطاء اليوم شيء ثان

حلق فلو طأطأت لا تراني.

أحب بدر شاكر السياب لميعة، وكانت بينهما قصة حب عميقة، وويل للشعراء إذا أحبوا بصدق، يقول بدر شاكر السياب فى لميعة:

ذكرتك يا لميعة والدجى ثلج وأمطار

ولندن مات فيها الليل مات تنفس النور

رأيت شبيهة لك شعرها ظلم وأنهار

وعيناها كينبوعين فى غاب من الحور

مريضا كنت تثقل كاهلى والظّهر أحجار

ذكرت يديك ترتجفان من فرق و من برد

تنز به صحارى للفراق تسوطها الأنواء

ذكرت شحوب وجهك حين زمر بوق سيّارة

ليؤذن بالوداع ذكرت لذع الدمع في خدّي

رعشة خافقي و أنين روحي يملأ الحارة

بأصداء المقابر والدجى ثلج وأمطار

وترد عليه لميعة بأنه رجل متزوج وله أولاد :

نحن امرأتان تحبانك
فابدأ منها حين تجيء إلي
المرأة فيها ذات المرأة في
دعنا نتلاقى في حبك نهرين بشط العرب
لا تشك إلي بساطتها وسذاجتها
وبأنك صرتَ
وما صارت
أنت اخترت
وما اختارت
أم أنك
أنجبت وما أحببت
وأدركت بعد فوات الوقت
جهالتها!